موريتانيا محطة وصول مؤقتة للفارين من الحرب في مالي ونقطة انطلاق نحو أوروبا

موريتانيا محطة وصول مؤقتة للفارين من الحرب في مالي ونقطة انطلاق نحو أوروبا

على جنبات أحد الطرق المؤدية إلى السوق المركزي في العاصمة الموريتانية نواكشوط، يفرش اللاجئ المالي "جوب" قطعة كبيرة من القماش يضع عليها أحذية رياضية مستعملة وينادي على المارة بصوت جهوري لشراء أحذية "أصلية صنعت في أوروبا".

ينحدر جوب من مالي، وجاء إلى موريتانيا هربا من الحرب المستعرة في شمال البلاد، وهي حرب عقدت بصورة أكبر الوضع البائس في الدولة الإفريقية، فضلا عن أوضاع اقتصادية زادت وطأتها بعد العقوبات الغربية على مالي بعد انقلاب عسكري.

وأدت هذه الأوضاع إلى هجرة مئات الآلاف من الماليين، حيث توجه كثيرون إلى أوروبا، ولجأ آخرون إلى الدول المجاورة، ومنها موريتانيا.

يعمل غالبية الماليين في الأعمال اليدوية والبناء والأعمال المنزلية، فضلا عن الصيد والتجارة والتنقيب عن الذهب، وهي وظائف ومهن لا يعمل بها الموريتانيون كثيرا.

ويرى الخبير في شؤون مالي الكاتب أحمد ولد عبدالله، أن موريتانيا أصبحت محطة ثابتة للماليين الفارين من الحرب لأنهم يجدون فيها فرصا للعمل، خاصة في مجالات كانت تواجه موريتانيا فيها نقصا في الأيدي العاملة، وفق وكالة أنباء العالم العربي (AWP).

يقول عبدالله "الحكومة الموريتانية لم تضايق هؤلاء المهاجرين، بل فتحت لهم الحدود للدخول إلى أراضيها"، مشيرا إلى أن غالبية الماليين الموجودين حاليا في موريتانيا تعرضوا للطرد من قراهم وأراضيهم في مالي بعد سيطرة جماعات مسلحة عليها.

ويضيف أن موريتانيا تعتبر محطة مؤقتة للاجئين الماليين الذين يستعدون للانطلاق من أراضيها لخوض رحلتهم "الأكبر"، وهي الوصول إلى أوروبا.

من بين هؤلاء جوب البالغ من العمر 28 عاما، والذي كان يقطن في قرية هاجمها مسلحون ملثمون داهموا البيوت وقتلوا العشرات، كما سرقوا ماشيتهم، ففر من العنف إلى العاصمة المالية باماكو.

قضى جوب في باماكو عدة أشهر بحثا عن عمل لكنه لم يعثر على أي فرصة، قبل أن يقرر التوجه إلى موريتانيا.

يقول جوب إن انعدام فرص العمل في مالي جعله يهاجر إلى موريتانيا، التي وجد فيها عملا في أقل من شهرين في سوق للمواد الغذائية.

ويذكر جوب أنه كان يتقاضى يوميا ثلاثة آلاف أوقية قديمة للعمل في تفريغ أي حمولة من المواد الغذائية من شاحنة قادمة من الميناء رفقة 6 عمال آخرين.

جمع جوب من هذا العمل حوالي 200 ألف أوقية قديمة (الدولار يساوي 357 أوقية موريتانية قديمة) استخدمها في تمويل مشروع لبيع الأحذية الرياضية المستعملة، التي يقبل محدودو الدخل على شرائها.

وقال جوب "الأحلام بدأت تتحقق في موريتانيا، بسببها استعدت الشغف الذي فقدته ليلة اقتحام المسلحين قريتي وقتلوا أصدقائي وأقربائي".

وأظهرت إحصاءات نشرتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن عدد اللاجئين الماليين في موريتانيا يبلغ حوالي 87 ألف لاجئ، من بينهم 71 ألف لاجئ، يقيمون في مخيم أمبرة بولاية الحوض الشرقي على الحدود مع مالي.

لكن الأمين العام للجالية المالية في موريتانيا بوبكر سيديكي تراوري قال إنه يقدر عدد أفراد الماليين في موريتانيا بحوالي 150 ألفا، معظمهم هرب من مناطق تعاني اضطرابات أمنية جراء الحرب الطاحنة بين الجيش والجماعات المسلحة.

وقال تراوري "هذا الرقم مرشح للزيادة مع استمرار التوتر الأمني وسيطرة الجماعات المسلحة على مناطق شاسعة من مالي"، مضيفا أن هؤلاء المهاجرين يفضلون البقاء في موريتانيا على العودة إلى بلادهم بعدما تمكن بعضهم من تسوية أوضاعهم القانونية والحصول على إقامة.

غير أن غالبية اللاجئين الماليين يعتبرون موريتانيا محطة مؤقتة لجمع المال من أجل الهجرة لأوروبا، حيث باتت السواحل الموريتانية نقطة انطلاق للمهاجرين غير الشرعيين من دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى الشواطئ الإسبانية.

وتستضيف موريتانيا، حوالي 100 ألف لاجئ من جنسيات إفريقية مختلفة، تقول الحكومة إنهم يشكلون ضغطا على اقتصاد وأمن البلاد.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية